لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
السلف الصالح بين العلم والإيمان
8960 مشاهدة
موقف السلف من صفات الله عز وجل

فلم يكن في عهد السلف بدع متمكنة، ومع الأسف أن هذه البدع - بدعة المعتزلة وبدعة الجهمية وبدعة القدرية- انتشرت فيما بعد القرون الثلاثة، وبالأخص بدعة الجهمية التي هي إنكار الصفات، فقد تمكنت وصار في القرن الرابع وما بعده لا يعرف مذهب السلف في باب الاعتقاد؛ بل صاروا يتنقصون السلف، ويرمونهم بأنهم جهلة يمثلونهم بمنزلة الأميين الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني كما أخبر الله بذلك عن أهل الكتاب في قوله تعالى: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ يعني: إلا مجرد تلاوة لا يفقهون من معانيه شيئا.
فالخلف الذين هم أهل القرون المتأخرة -الرابع والخامس والسادس وما بعدها- يزعمون أن السلف إنما يؤمنون بألفاظ مجردة لا يدرون ما معانيها يؤمنون بها ألفاظا ويفوضون معانيها ولا يعرفونه، ولا شك أن هذا تنقص لهم؛ حتى زعموا أن علم السلف هو مجرد التفويض ويستدلون بقولهم في أحاديث الصفات: أمروها كما جاءت بلا كيف.
ولا شك أن هذا تنقص لهم وعيب لهم؛ وذلك لأنه قد نقل عن السلف -رحمهم الله- أشياء كثيرة تدل على إيمانهم بالله، وإيمانهم بصفات الله، وإيمانهم بما جاءهم عن الله -عز وجل- وتقبلهم للشريعة، وتصديقهم للنصوص، واعتقادهم لمدلولاتها، ووصفهم الله تعالى بصفات الكمال، وإثبات الصفات كما جاءت إنما فقط نَهَوا عن التكليف، ونَهَوا عن التكلف في السؤال عن الكيفية وما أشبه ذلك.
وهذا معنى قولهم في آيات الصفات: أمروها كما جاءت بلا كيف؛ أي لا تسألون عن الكيفية؛ لأنها مجهولة، وكما يقول مالك بن أنس - وهو من علماء تابعي التابعين - لما سئل عن الاستواء فقال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.
وروي هذا أيضا عن شيخه الذي هو ربيعة بن أبي عبد الرحمن وهو أحد أكابر التابعين من أهل المدينة أنه سئل عن الاستواء فقال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، ومن الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم.
فهذه المقالة تدل على أنهم يعرفون معاني الآيات، ويعرفون معاني النصوص، ويؤمنون بها إلا أنهم يعرفون أن لها كيفية، وتلك الكيفية هي المجهولة التي لم تصل علوم الخلق إلى معرفتها.
نقول: إن هذا ونحوه من علم السلف -رحمهم الله- أنهم لما حصلوا على هذا العلم الموروث كان من آثار ذلك أن عملوا به في باب الاعتقاد وفي باب العمل، وكذلك حصل أن ردوا على المبتدعة ما جاءوا به من شبهات، وأنكروا تلك البدع التي حدثت في زمانهم حتى بقي أهلها لا يؤبه لهم ولم تتمكن بدعهم إلا في القرون المتأخرة.